تتناول سارة باسفورد كاناليس الجدل المتصاعد في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية حول عبارة «عولموا الانتفاضة»، بعد إعلان رئيس الولاية كريس مينز عزمه حظرها، واعتبارها «خطابًا كراهياً وعنيفًا»، في خطوة أثارت انقسامًا واسعًا بين من يرون العبارة تحريضًا على العنف، ومن يعتبرونها تعبيرًا سياسيًا عن التضامن مع الفلسطينيين.
وتوضّح صحيفة الجارديان أن هذا الجدل لا يقتصر على أستراليا، بل يعكس نقاشات مشابهة في بريطانيا والولايات المتحدة، حيث شهدت مدن كبرى اعتقالات وتحقيقات على خلفية ترديد الشعار في مظاهرات داعمة لفلسطين، ما أعاد طرح سؤال أوسع حول حدود حرية التعبير وتجريم العبارات السياسية المتنازع على معناها.
مقترح الحكومة وخلفيات الحظر
تدفع حكومة نيو ساوث ويلز باتجاه تشديد قوانين الاحتجاج وحظر ما تصفه برموز وخطابات الكراهية، في أعقاب الهجوم المسلح في بونداي. ويربط رئيس الولاية بين استخدام عبارة «عولِموا الانتفاضة» وبين العنف، معتبرًا أن الكلمات التي تُقال في المظاهرات قد تتحول لاحقًا إلى أفعال دموية في الشوارع.
يعلن مينز عزمه إدراج العبارة ضمن خطاب الكراهية المحظور، رغم غياب تفاصيل واضحة حول آليات التجريم أو نطاق الحظر القانوني. ويخطط البرلمان المحلي لإحالة المسألة إلى لجنة برلمانية للتحقيق في «العبارات المحرضة على الكراهية»، تمهيدًا لتشريعات جديدة خلال العام المقبل.
يثير هذا التوجه مخاوف من توسيع سلطة الدولة على حساب حق الاحتجاج، خاصة مع تسريع تمرير قوانين تحد من التظاهر، وسط توقعات بمواجهتها طعونًا دستورية تتعلق بحرية التعبير.
ما هي الانتفاضة؟ ولماذا تحمل دلالات متناقضة؟
تعني كلمة «انتفاضة» في العربية «النهضة» أو «التحرر من القيد»، وترتبط تاريخيًا بانتفاضتين فلسطينيتين ضد الاحتلال الإسرائيلي. وقعت الانتفاضة الأولى بين عامي 1987 و1993، وارتبطت في الذاكرة العامة بصور شبان فلسطينيين يواجهون الجنود بالحجارة، قبل أن تؤدي إلى مقتل آلاف الفلسطينيين ومئات الإسرائيليين.
أما الانتفاضة الثانية، التي اندلعت عام 2000، فاتخذت طابعًا أكثر عنفًا، وشهدت مواجهات عسكرية واسعة وعمليات تفجير وهجمات مسلحة، ما رسّخ لدى قطاعات واسعة، خصوصًا في المجتمع اليهودي، ارتباط المصطلح بالعنف العشوائي والإرهاب.
هذا التاريخ المركب يفسر الانقسام حول الشعار، إذ يرى مؤيدو فلسطين أنه يحمل معنى المقاومة والتحرر، بينما يراه آخرون دعوة صريحة للعنف وإعادة إنتاج مآسي الماضي.
حرية التعبير أم تجريم اللغة؟
يقول نشطاء مؤيدون لفلسطين إن عبارة «عولِموا الانتفاضة» تعبّر عن تضامن سياسي مع نضال الفلسطينيين ضد الاحتلال، ولا تمثل دعوة للعنف. ويؤكد بعض السياسيين والناشطين، مثل زهران ممداني في الولايات المتحدة، أنهم لا يستخدمون العبارة شخصيًا، لكنهم يرفضون تجريمها بوصفها رأيًا سياسيًا.
في المقابل، يربط قادة ومؤسسات يهودية المصطلح بتهديد مباشر، معتبرين أن تأثيره العملي يتجاوز نوايا مستخدميه. ويشدد خبراء في مكافحة خطاب الكراهية على أن العبارة لا تحمل سياقًا سلميًا، ويرون ضرورة حظرها لحماية المجتمعات من التحريض.
لكن أكاديميين متخصصين في القانون وحرية التعبير يحذرون من خطورة تجريم عبارات ذات معانٍ متنازع عليها. ويرى خبراء قانونيون أن تثبيت تفسير واحد لعبارة سياسية وتحويله إلى جريمة قد يؤدي إلى تطبيق انتقائي أو إساءة استخدام القانون، فضلًا عن فتح الباب أمام طعون قضائية واسعة.
تحذر باحثة في دراسات الشرق الأوسط من أن حظر المصطلح قد يُستقبل داخل المجتمعات العربية والمسلمة بوصفه اعتداءً على اللغة والذاكرة الجماعية، ما يعمّق الانقسام بدل احتوائه. وتخلص إلى أن معالجة التوترات السياسية تتطلب نقاشًا أوسع حول السياق والمعنى، لا الاكتفاء بتجريم الكلمات.
https://www.theguardian.com/australia-news/2025/dec/23/globalise-the-intifada-meaning-translation-palestinian-protest-chant-ban-nsw

